صلّيت المغرب في جامع سلطان أحمد الكبير المقابل لآياصوفيا في اسطنبول.
وعند خروجنا، وبجوار الباب، كان الحوار حاداً بين موظف المسجد الذي ينظّم دخول المصلين، وبين امرأة كويتية بصحبتها امرأة كبيرة أوروبية سافرة، وقد أعطتها الكويتية الملاية التي فوق حجابها لتستر شعرها للدخول معها.
وعندما استفسرت، وإذا بموظف الجامع لم يسمح للأوروبية التي تبيّن أنها سائحة صربية بالدخول إلى الجامع، لأن هناك ترميمات وثلثي الجامع مغلق والمكان المخصص لصلاة النساء ضيق والسواح يدخلون في غير أوقات الصلاة، وبعد شهرين ينتهي الترميم ويسمح لغير المسلمات بالدخول بعد الاحتشام.
لكن الزائرة الكويتية أصرّت في حوارها مع موظف الجامع بدخولها وكانت تقول له: «المرأة حريصة على معرفة صلاة المسلمين، وانظروا إليها كيف تنتقل ببن الشبابيك للتعرف على ما في المسجد وعبادات المسلمات، يلزمكم تسهيل دخولها لدعوتها لاعتناق دين الإسلام».
واضطررت للمشاركة في الحوار، واقتنع موظف المسجد بعد إصرار الكويتية وشرحها وهنا أخذتها إلى مصلى النساء.
الأخت الكويتية كانت مشاركة معنا في مؤتمر «ملتقى الأمل الثاني للمعاقين جراء مناطق النزاع»، وتكلمت عن واجبنا في تحبيب الأجانب وتعريفهم بالاسلام وقالت:
«داخل المسجد كلمتها عن السكينة والطمأنينة والخلوة مع الله ودمعت عيناها وأخذت تنظر في أركان المسجد وترى بعض المصليات يناجين الله وهن يرفعن أيديهن مبتهلات وأخريات ساجدات والسكون يملأ المكان. وعند خروجنا جلسنا وألبستها حذاءها وإذا بأحد الأخوة أميركي مسلم أخذ يشرح لها نبذة عن الإسلام ونبينا محمد عليه السلام. وأفهمنا الموظف أنه يرجى إسلامها بسبب المعاملة الحسنة، وهنا تحمس الموظف وأهداها نسخة من القرآن المترجم إلى الإنكليزية وبعض الكتيبات وودعناها واحتضنتني وقالت انتِ ابنتي».
وأضافت: «طلبت منها أن تخصص كل يوم 10 دقائق تناجي بها الله لوحدها في مكان هادئ في غرفتها وأن تقرأ كل يوم صفحة من القرآن المترجم، فالله سيرزقها نوراً في قلبها لتوجهها الصادق في البحث عن الحق والوصول إليه».
هذا موقف قصير يعيد المسلم إلى وظيفته في الدنيا، وهي تعريف الناس بالإسلام وحمل راية التوحيد والسير على خطى الحبيب المصطفى الذي كانت نفسه تستشرف أن يهتدي أعدى أعدائه، فكيف بالحائرين المسالمين الذين لا يحتاجون سوى مفاتيح من البيان والحنان.
علينا صدق النية وبذل الجهد، والبقية عند عالم الغيب والشهادة.